في 21 أغسطس 2021، تم نقل المُبلغ الجزائري محمد عبد الله من معتقل زونا فرانكا في برشلونة إلى مدينة ألميريا. هناك أُجبر على ركوب قارب متجه إلى الغزوات بالجزائر، حيث تم اعتقاله فور وصوله. أثار الترحيل السريع، الذي اتخذه وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا، ردود فعل قوية من قطاعات واسعة من الرأي العام الجزائري وكذلك نشطاء حقوق الإنسان الدوليين. من مكان منفاه في إسبانيا، قاد الدركي السابق محمد عبد الله معركة سلمية ضد جرائم الطغمة العسكرية الجزائرية، لا سيما من خلال الكشف عن العديد من قضايا الفساد التي تورط فيها ضباط رفيعو المستوى في الجيش. لقد أكسبه كفاحه من أجل العدالة احترام مواطنيه في الداخل وفي الشتات لأنه يجسد نضال الملايين من الشباب الجزائري من أجل إقامة دولة القانون.
بعد وجوده في الحجز في السجون الجزائرية التي يعتبر فيها التعذيب وسوء المعاملة سلوكا ممنهجا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالنشطاء السياسيين، كان محمد عبد الله للأسف ضحية لانتهاكات خطيرة من قبل الشرطة السياسية. من خلال طرد هذا الرجل عن عمد، تكون الحكومة الإسبانية متواطئة في التعذيب ومسؤولة عن مصير شخص تم تسليمه دون خجل إلى جلاديه.
تهدف هذه المساهمة أيضا إلى عرض مسار محمد عبد الله وكذلك شروط “تسليمه” وطرده في الواقع لأن هذا العمل الإداري البحت لم يكن موضوعًا لأي قرار قضائي من قبل السلطات الإسبانية لتسليمه إلى جلاديه. إن الطابع الذي لا أساس له من الصحة للاتهامات الموجهة من طرف النظام الجزائري ضد محمد عبد الله وكذلك التعاون الإجرامي للحكومة الإسبانية واضح للغاية.
عسكري شريف في مواجهة نظام فاسد:
ولد محمد عبد الله في 27 فبراير 1988 في وهران. نشأ في هذه المدينة واستمر في تعليمه حتى حصل على شهادة البكالوريا في عام 2007. ثم التحق بمدرسة ضباط الصف للدرك الوطني بسيدي بلعباس ثم بتيارت حيث حصل على الدبلوم العسكري المهني رقم 2 تطبيقات للاتصالات برتبة ضابط اتصالات. في نهاية فترة تدريبه، نُقل إلى أقصى جنوب الجزائر، إلى وحدة حرس الحدود رقم43 في ترينين (منطقة عين قزام). بعد ذلك، اختار أن يواصل تدريبه ليصبح عضوًا في وحدات الطيران الخفيف التابعة لقوات الدرك. أكسبه هذا الخيار سلسلة من التعيينات المتتالية في مناطق ومدن جزائرية مختلفة (البليدة، بسكرة، تيبازة، تيزي وزو، بجاية، البويرة). عندما نُقل إلى البليدة في 2012-2013، التحق بالجامعة المحلية من أجل الحصول على شهادة في علم الاجتماع، وللأسف منعه انتقاله إلى مدينة أخرى من إكمال دراسته. ستعمل هذه الرحلات المتعددة على تعريف محمد عبد الله بالواقع الاجتماعي المتنوع للغاية وترسيخ قناعاته الوطنية. استقر وضعه عندما انتقل إلى مدينة تبسة عام 2013، حيث انضم إلى سرب المروحيات المكلف بمراقبة الحدود الجزائرية التونسية. من المعروف أن المنطقة هي معقل لجميع أنواع التهريب، حيث يزدهر البار ونات في قلب نظام السلطة في جميع عمليات التهريب التي تتلاعب بالمليارات.
كانت هذه المحطة الأخيرة ضرورية في مسار محمد عبد الله داخل المؤسسة العسكرية. كان عمله لمدة ست سنوات في مدينة تبسة كفيل بأن يجعله يدرك حجم الفساد في الجزائر. بينما كان يقال له طوال فترة تدريبه أن هذه الظاهرة هامشية وأنه يكفي التنديد بها، ولكنه سرعان ما أدرك طبيعتها المستفحلة. في سياق ملاحظاته، وجد أن ضباط الدرك، بالتواطؤ مع السلطات السياسية في المنطقة ورجال الأعمال الفاسدين، متورطون في عمليات التهريب عبر الحدود. في محاولته لإدانة هذا العمل أمام رؤسائه، يتفاجأ محمد عبد الله من لامبالاتهم وتهاونهم. وبعد ذلك أدرك تدريجيًا أن التنبيهات التي يرسلها لرؤسائه يمكن أن تشكل خطرًا على حياته. إلى جانب عمليات التهريب البسيطة، سيشهد أيضًا قضايا تهدد الأمن الوطني.
من بين الروايات المتداولة داخل الدرك، هناك قضية خطيرة بشكل خاص تتعلق بقائد مجموعة الدفاع الوطني في سوق أهراس. في عام 2016، سمح ضابط الدرك هذا لمجموعة من المهربين بتهريب أسلحة إلى الجزائر من الحدود التونسية. تم اكتشاف هذه الأسلحة نفسها خلال عملية تحييد لاحقة لمجموعة إرهابية في جبال جيجل. بالطبع، تم إخفاء هذا الأمر عن عامة الناس ولم تطرحه أي وسائل إعلام وطنية. بالإضافة إلى ذلك، كان محمد عبد الله غاضبًا أيضًا من التقرير الوحشي وغير العادل الذي قدمه الدرك ضد المدنيين، ووجد صعوبة متزايدة في رؤية رفاقه يسيئون معاملة المواطنين العاديين مع الإفلات من العقاب.
في مواجهة الكثير من الفساد والظلم، استطاع محمد عبد الله أن يُنمي روحًا متمردة تغذي وعيًا ديمقراطيًا ناشئًا. بدأ الدركي، مثل العديد من زملائه، في الاهتمام باللاعبين السياسيين والإعلاميين في المعارضة لإعطاء معنى لحياته اليومية. أثارت تحليلات وانتقادات المعارضة السلمية اهتمامًا شديدًا ورغبة في الانخراط. وهكذا، وبالتدريج، من متفرج بسيط، يسلك هو أيضًا طريقًا للمقاومة النشطة ضد الديكتاتورية.
مُبلغ عن المخالفات في المنفى
إن أجواء القمع والريبة والمراقبة العامة تخلق جواً غير قابل للتنفس في الجزائر كما ان خطر الاعتقال، وما يترتب عليه من عواقب وخيمة، يدفع محمد عبد الله إلى التفكير في مغادرة البلاد لينشط سياسيًا بعيدًا عن تهديدات السلطة. بدأ محمد عبد الله في البحث عن طريقة قانونية لمغادرة التراب الوطني. في 8 نوفمبر 2018، وبفضل تأشيرة سياحية، غادر الجزائر مع زوجته وطفله إلى سان خوان، أليكانتي؛ وهناك حصل على وضع طالب اللجوء لنفسه ولعائلته في 25 أبريل 2019.
عند وصوله إلى إسبانيا، كرس محمد عبد الله، صفته كمُبلِغ حقيقي عن المخالفات، نفسه لتنوير الرأي العام الجزائري بشأن ابتزازات وانتهاكات الدكتاتورية العسكرية، وقد سمحت له اتصالاته العديدة داخل قوات الدرك بمعرفة أدق التفاصيل لما يحدث فعلا في الجزائر. كما أن نشاطه كمبلغ عن المخالفات سيجلب له أيضا التهديدات ومحاولات الرشوة من “بارونات” التهريب الحدودي في تبسة. ومن الأمثلة على ذلك عائلة رئيس الوزراء الأسبق أحمد أويحيى أو عائلة اللواء حبيب شنتوف حيث أصبح محمد عبد الله صوت كل المعدومين.
هكذا كشف للرأي العام الإسباني عن حالة مروعة من العمل الجبري تورط فيها رجل وزوجته من الإطارات الجزائرية الذين يعيشان في أليكانتي (بلهابشيا رضا وشهرة ناريمان) ضد مهاجرة جزائرية. إنها أمية في الأربعين من عمرها ولا تتحدث إلا الأمازيغية وتم توظيفها كعاملة في فيلا الزوجين الفخمة؛ مقابل الخدمات التي تقدمها وعداها بتسوية وضعيتها. لسوء الحظ، بمجرد وصولها إلى إسبانيا، قام الزوجان بمصادرة جواز سفرها وتتعرض المهاجرة المسكينة لأسوأ المعاملات. في الفيلا الضخمة، تعيش المسكينة في مرآب لا يتوفر على أدنى الشروط الصحية. بالإضافة إلى الإهانات والمعاملات السيئة اليومية، منعت من طرف أصحاب الفيلا من دخول إليها. لمعاقبتها، أجبروها في كثير من الأحيان على قضاء الليل في الخارج. خلال عام في خدمتهم (من يناير إلى ديسمبر 2020)، زوداها بلهابشيا ونارمان بالقليل من الطعام والملابس مع إبقائها معزولة تمامًا عن العالم الخارجي. بعد إبلاغ أقارب المعنية، اتصل محمد عبد الله بالشرطة الإسبانية ورافقهم إلى فيلا الزوجين مع ضمان رعاية الضحية من قبل السلطات المختصة. بعد معاينة الظروف التي كانت تعيش فيها السيدة، قررت الشرطة اصطحابها إلى مقر الشرطة لتقديم شكوى والعثور على ملجأ لها.
في سياق الحراك دائما، بدأ محمد عبد الله مشواره النضالي بقناة على يوتيوب يتابعها 134 ألف مستخدم للإنترنت وصفحة على فيسبوك تضم 130 ألف مشترك، حيث يعتبر هذا هوس حقيقي للسلطة. خلال صيف 2020، لوحظ ان عناصر من المخابرات تراقب عائلته ويتعقبونها، وكذلك مدنيين وكانوا يتنقلون وراءهم، وكانت هناك سيارة متواجدة عند مدخل منزلهم بشكل دائم. في 3 أغسطس 2020 اعتدت عناصر من الشرطة السياسية الجزائرية على محمد عبد الله أثناء قيامه بتصليح سيارته على جانب الطريق. توقف رجلان، محمد أمين بوستية وعبد الحليم عليلي، في سيارة BMW، للتحدث إلى محمد عبد الله. على الفور بدأوا في إهانته وانتزاع محفظته من سيارته. دون تردد، قام محمد عبد الله بتشغيل هاتفه لبث حي على صفحته على الفيس بوك ؛ الأمر الذي لا يمنع بأي حال الشخصين من الاستمرار في إهانته. استطاع محمد عبد الله ان يحافظ على هدوئه ويفشل الخطة التي كان يراد منها بالتأكيد دفعه للرد في نفس السياق. بعد هذا الهجوم، قام محمد عبد الله بتقديم شكوى ضد هذين المهاجمين (انظر الوثيقة 1).
بالإضافة إلى هذه الهجمات التي تم تصويرها على الهواء مباشرة، يتعرض محمد عبد الله للتهديد من قبل شخص معين سعيد بن سديرة (انظر الصورة 1)، أحد اليوتوبرس المقيمين في لندن والمعروف بأنه المتحدث باسم الطغمة العسكرية وحاشيتها. وقام هذا الأخير، على صفحته على فيسبوك، بتهديد محمد عبد الله بالاختطاف أثناء نشره صورًا التقطت دون علمه.
في مواجهة كل هذه التهديدات، اتصل محمد عبد الله وزوجته بالشرطة الإسبانية وقدموا عدة شكاوى، خاصة وأنهم كانوا يخشون الأسوأ على أطفالهم (انظر الوثيقة 2). بعد ذلك قررت العائلة مغادرة أليكانتي للاستقرار في شمال إسبانيا، و تحديدا في مدينة فيتوريا في إقليم الباسك. لكن هذا لن يحميه من النظام الجزائري الذي سينتهي بطرده بتواطؤ من الحكومة الإسبانية.
صورة رقم1. ترجمة النص: “عيد ميلاد سعيد يا كلب من كلاب زيتوت … بعد قرميط بونويرة، سيأتي دورك. تأكد من أن جميع تحركاتك تحت المراقبة … ستفاجأ قريبًا. “
طرد من اسبانيا وتعذيب في السجون الجزائرية
يأتي طرد محمد عبد الله إلى الجزائر في إطار إستراتيجية عالمية للطغمة العسكرية التي حشدت كل امكانياتها سابقا منذ “الحرب القذرة” في تسعينيات القرن الماضي، والتي تهدف إلى إسكات الشخصيات المهمة في الحراك. منذ عودة الاحتجاجات الشعبية في فبراير 2021، حشد الجهاز الجزائري اتهامات بالإرهاب لقمع وترهيب الناشطين داخل البلاد وفي الخارج. وعلى أساس الاتهامات الباطلة، فإنه يستطيع تبرير الاعتقالات الجماعية بشكل تعسفي أو حتى أوامر التوقيف الدولية. للقيام بذلك، لا يتردد الجنرالات في المساومة مع البلدان الخارجية من أجل قمع مواطنيهم. وفي هذا السياق بالذات، تم الكشف عن قضية محمد عبد الله، وهي مثال صارخ على تواطؤ السلطات الإسبانية مع الطغمة العسكرية في الجزائر.
السابقة الأولى التي تبرر طرد محمد عبد الله، هي مذكرة توقيف دولية صادرة عن المدعي العام لمحكمة بئر مراد رايس بحقه، وبحق أمير بوخرص (المعروف باسم أمير دي زاد)، ومحمد العربي زيتوت وهشام عبود، بتاريخ 22 مارس 2021. وأشار بيان المدعي العام إلى اتهامات بـ “الانضمام إلى جماعة إرهابية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، وتمويل جماعة إرهابية تستهدف أمن الدولة، وتبييض أموال من طرف عصابة إجرامية”. تستند هذه الاتهامات بشكل أساسي إلى شهادة عضو سابق في الحرب القذرة، معروف باسم أحمد منصوري (تائب من الجماعات الإسلامية المسلحة، مشهور بأنه قريب من الشرطة السياسية، استخدم منصوري اتصالاته لابتزاز الأموال من مواطنين فقراء في الجزائر). وبحسب منصوري، فإن المتهمين الأربعة جزء من شبكة دولية لتمويل الجماعات الإرهابية كما ان مصدر الدخل لهذه الجماعة يأتي من شركات تقع في دولة مجاورة للجزائر. طبعا لا يوجد دليل يدعم هذه الاتهامات، لكن أوامر القبض أصابت الهدف بسرعة. الرجل الذي يُدعى منصوري، والذي صدر بحقه أمر توقيف، انتهى به المطاف بالاختفاء من الأضواء، بينما كان يتصدر عناوين وسائل الإعلام. على الرغم من حقيقة أن هذه القضية لم يكن لها سوى القليل من النتائج المباشرة لمحمد عبد الله، إلا أنها ستفيد النظام الجزائري في تبرير طرده في المستقبل.
في 11 أغسطس 2021، تقدم محمد عبد الله لتجديد تصريح إقامته في مركز للشرطة في فيتوريا، وهو إجراء اعتاد عليه. أين تم إبلاغه بأن طلب اللجوء الذي قدمه قد رُفض. وهناك اعتقل على الفور، وتم نقله إلى مركز احتجاز المهاجرين غير الشرعيين بالقرب من برشلونة. في 19 أغسطس، خضع محمد عبد الله وجزائريون آخرون معه لفحص كورونا. أثناء إجراء الفحص، تم إبلاغهم بأن هذا الفحص هو مطلب من مطالب السلطات الجزائرية. قرر محمد عبد الله ورفاقه الإضراب عن الطعام لإبداء معارضتهم لقرار الترحيل. في يوم الجمعة 20 أغسطس 2021 الساعة 9:58 مساءً، اتخذ وزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا قرار طرد محمد عبد الله. وهذا الوضع ترك محاميي محمد عبد الله في موقف محرج، إذ لم كن بإمكانهم الطعن في قرار الترحيل أمام المحكمة الإدارية، التي كانت مغلوقة في الفترة الصيفية. بالإضافة إلى ذلك، فإن إحالة القرار في نهاية الأسبوع جعل من الصعب الاتصال بالمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان. كل هذه التفاصيل زادت من الشكوك حول الطبيعة المتعمدة للمناورة. حاول محامو عبد الله، بعد أن فوجئوا، الاتصال بالمحكمة المدنية الإسبانية، لكن لسوء الحظ فإن القضية خارج نطاق اختصاصهم. بالإضافة إلى ذلك، تم إرسال بلاغ إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ومع ذلك، لا يمكن للهيئة الأخيرة أن تنظر في القضية حتى يتم استنفاد سبل الطعن الإسبانية. أخيرًا، تم وضع محمد عبد الله على متن طائرة متجهة إلى ألميريا في 21 أغسطس الساعة 4 صباحًا، بعد ساعات فقط من إشعار الطرد، ليتم نقله إلى قارب متجه إلى ميناء الغزوات في الجزائر. ما يثير الدهشة عند فحص أمر الطرد الصادر عن وزارة الداخلية الإسبانية (وثيقة 3) هو أنه يتبنى حجة السلطة الجزائرية دون حيطة. يتم تقديم محمد عبد الله هناك أولاً كجندي بسيط غير متعلم، وهذا غير صحيح تمامًا، وثانيًا كعضو في حركة “إرهابية” تسمى رشاد تحاول التسلل إلى الحراك. إن أي متابع للمشهد السياسي الجزائري يعرف جيداً أن هذه الحركة السياسية سلمية وأنها غير مصنفة على أنها إرهابية لا في أوروبا أو في أمريكا الشمالية. يعيش إطارات الحركة ويناضلون سياسيًا في العديد من الدول الغربية دون مشاكل. في الواقع، تعتبر رشاد، مثلها مثل القوى السياسية المتعددة من خلفيات متنوعة، جزءًا من الحراك في الجزائر وفي الشتات أيضا.
ولدى وصوله إلى الجزائر، مثل محمد عبد الله أمام قاضي الغرفة الثانية بالشعبة الجزائية المتخصصة بمحكمة سيدي محمد، ووضع قيد التوقيف في سجن الحراش. في 30 أغسطس 2021، دون سابق إنذار، نُقل إلى سجن القليعة شديد الحراسة. تم وضعه في منطقة مخصصة للأشخاص المتورطين في أعمال إرهابية و / أو أصحاب الجرائم المنظمة، ليتم إبقاؤه في عزلة تامة عن بقية نزلاء السجن ولا يمكنه مغادرة زنزانته إلا لمدة ساعة واحدة في اليوم. بين 29 سبتمبر و14 أكتوبر، نُقل مرتين إلى ثكنة عنتر، مكان معروف بالتعذيب تديره الشرطة السياسية، لاستجوابه وحرمانه من النوم والطعام لعدة أيام.
وقد تعرض لجلسات طويلة من التعذيب، وصُعق بالكهرباء عدة مرات بمسدس صاعق من قبل عناصر المديرية العامة للأمن الداخلي. كما قام ضباط الشرطة السياسية بتعذيبه بالخرقة، والذي يتكون من وضع إسفنجة في فم الضحية التي تكون يداها مقيدة ومعلقة حتى يتم غمر رأسها في حوض ماء متسخ. منذ 11 أكتوبر 2021، يُحتجز محمد عبد الله في سجن البليدة العسكري حيث وُضع في سجن غير إنساني، حيث يعتبر أقسى من سجن القليعة. وقد تم حرمانه من أي مصدر خارجي للمعلومات (تلفزيون، راديو، كتب، جرائد) ولا يسمح له بمغادرة زنزانته أو التواصل مع أشخاص آخرين. وحتى الزيارات النادرة التي هي من حقه يشرف عليها جنديان. لاحظ آخر من رآه فقدًا كبيرًا في الوزن واحمرارًا في العيون ونظرة تائهة. تُظهر هذه العلامات المقلقة أن محمد عبد الله يتعرض لضغوط نفسية كبيرة وربما لتعذيب جسدي آخر.
يعتبر النظام الجزائري وكذلك السلطات الإسبانية مسؤولون عن كل الأذى والأضرار التي لحقت بمحمد عبد الله. أب لطفلين، أحدهما ابنة ولدت في إسبانيا في عام 2019، وأي مصيبة قد تحدث له ستكون بمثابة كارثة على أسرته. من الواضح أن أجهزة المخابرات من خلال عمليات الطرد والفظائع والتعذيب التي تمارسها بحق محمد عبد الله وآخرين، تطمح إلى القضاء على الحراك من خلال إيذاء الشباب الجزائري الذي يطالب بالدولة المدنية الديمقراطية.
أ.ت ، ألجريا ووتش ، 24 ديسمبر 2021