معارض جزائري: انضمامي للمعارضة أقل واجب أقدمه لوطني وشعبي (عربي21)
أكد الضابط العسكري السابق في حرس الحدود الجزائري محمد عبد الله، أنه تفاجأ بإعلان النيابة العامة في الجزائر عن طلب تسليمه عبر جهاز الأنتربول الدولي، معتبرا أنه لم يرتكب أي جريمة يعاقب عليها القانون سوى أنه كان وفيا لوطنه وكشف عن ملفات فساد يرتكبها متنفذون في المؤسسة العسكرية الحاكم الفعلي في الجزائر.
وأوضح عبد الله في حديث مع “عربي21”، أنه اختار طريق المعارضة والكشف عن الحقيقة عن سابق إصرار، وأنه مستعد لدفع تكاليف ذلك مهما كان ذلك قاسيا.
وقال: “في بداية انضمامي إلى المعارضة الجادة للسلطة في الجزائر كنت متوقعا كل السيناريوهات، بما فيها سيناريو التسليم هذا، ولذلك مع استغرابي لإقدام السلطات الحاكمة على إصدار هذا الطلب إلى الشرطة الدولية، بالنظر إلى أن الأولى بها اليوم الإجابة عن مطالب الناس لا متابعة المعارضة في الخارج، ولكن مع ذلك، فما جرى ويجري هو جزء من طبيعة التسلط الذي تعيشه الجزائر منذ عقود”.
وأضاف: “الغريب أن السلطة وبسبب الارتباك الذي تعيشه فقد اخترعت تهمة عائمة وفضفاضة، واتهمتنا بالإرهاب في محاولة فاشلة لاستعطاف الغرب من أجل تسهيل تسليمنا، وهي تهمة أعتقد أنها أصبحت غير ذات جدوى، لأننا معروفون لدى السلطات الغربية ونعمل تحت الشمس وفوق الأرض، لا في الدهاليز”.
وأشار عبد الله إلى أنه أتى للمعارضة من عمله ضمن حرس الحدود، وقال: “أنا رقيب أول في الدرك الوطني، وحالتي أنني عسكري في حالة فرار، وهي الصفة التي لا تريد المؤسسة العسكرية الكشف عنها خوفا من تعرض رمزية هذه المؤسسة إلى الخدش”.
وأضاف: “كنت ضابط صف في الدرك الوطني في وحدات حرس الحدود في تبسة على الحدود مع تونس، حيث توجد نقطة للتهريب، وقد لاحظت بأم عيني تهريب المواد الأساسية المدعمة من طرف الدولة، وهي عمليات يقوم بها ضباط كبار، وعندي الدليل على ذلك”.
وشدد على أن ما دفع بالسلطات الجزائرية إلى ضمه ضمن لائحة الأسماء المطلوب تسليمها إلى الجزائر عبر جهاز الأنتربول الدولي، أنه “نشط عبر وسائل التواصل الاجتماعي في كشف وثائق على عمليات فساد تجري في أعلى مؤسسات الدولة، من خلال علاقاته مع عدد من المسؤولين فيها”.
وأضاف: “وما زاد من إزعاج السلطة أنني مقيم في مدينة (ألكنتي) الإسبانية التي تحوي إقامات فاخرة لعدد من القيادات السياسية والعسكرية الجزائرية، حيث كشفت ذلك للجزائريين بالصور”.
وجوابا على سؤال وجهته له “عربي21”، عما إذا كان يعتقد بأن السلطات الإسبانية يمكن أن تقدم على تسليمه إلى السلطات الجزائرية، قال عبد الله: “من الناحية القانونية أستبعد أن يتم تسليمي، لكن إذا تمت صفقة بين إسبانيا والنظام الجزائري، فلن أستغرب ذلك، وإنما سأكون قد أديت جزءا من واجبي تجاه بلادي وتجاه الحراك”.
وأضاف: “كنت متوقعا عندما اتخذت قرار الخروج على النظام أن أخسر الكثير بما في ذلك حياتي، وسأكون عمليا قد شاركت الشعب الجزائري جزءا من تضحياته في مواجهة الفاسدين، ولذلك لست متخوفا من مصيري إذا تم تسليمي”.
واعتبر عبد الله أن “مشروع قانون سحب الجنسية ومذكرات التسليم بتهم الإرهاب، هي آخر الأوراق التي ما زالت بيد السلطة في الجزائر ضد معارضيها”.
وقال: “لقد حاولوا قبل هذا التصعيد شراءنا وعرضوا علينا أموالا كثيرة في ظروف صعبة للغاية مررنا بها، ولما رفضنا مروا إلى خطوات أخرى من مشروع سحب الجنسية إلى طلب التسليم.. ولذلك أنا متفائل بأن نهاية الظلم في الجزائر أصبحت أقرب من أي وقت مضى”، على حد تعبيره.
وكانت محكمة بئر مراد رايس في الجزائر العاصمة قد أصدرت الأسبوع الماضي مذكرات توقيف دولية بحق كل من الدبلوماسي السابق المقيم في المملكة المتحدة محمد العربي زيتوت، والصحفي الاستقصائي أمير بوخرص المعروف باسم “أمير دي زاد”، وشخص ثالث يدعى هشام عبود، ورابع يدعى محمد عبد الله، بتهمة الانتماء لجماعة إرهابية.
وتأتي هذه الاتهامات في ظل عودة الحراك الشعبي المطالب بالتغيير في الجزائر بقوة في الذكرى الثانية لاندلاعه في 22 شباط (فبراير) الماضي.
وتجددت اليوم الجمعة مسيرات الحراك الشعبي، بالعاصمة وبعدة ولايات من الجزائر، حيث رفع المتظاهرون شعارات مطالبة بالتغيير الجذري والإفراج عن المعتقلين.
وقد شارك مئات الجزائريين في بجاية والبويرة وتيزي وزو وسكيكدة ومدن أخرى في مسيرات الحراك التي انطلقت قبل عامين، وتمكنت من الإطاحة بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لكن مطالبها تطورت للمطالبة بإنهاء سيطرة العسكر على الدولة وقيام الدولة المدنية.
ولم تفلح خارطة الطريق التي أعلن عنها الرئيس عبد المجيد تبون، لجهة الإعلان عن انتخابات تشريعية ومحلية مبكرة في إقناع الجزائريين بالعودة إلى منازلهم.